الملل وحراج عالم التقنية

أحب عالم التقنية حباً كبيراً، فهذا الموقع الذي تأسس في عام 2008 تعلمت منه الكثير سواء على الصعيد الشخصي أو العملي، وأصبح الموقع بالنسبة لي قصة نجاح (نقول إن شاء الله) أفتخر فيها.

ولكن أصبت في آخر ثلاث سنوات تقريباً بالملل والتشبع منه ومن التقنية بشكل عام، فأصبحت التقنية نادراً ما تأتي بجديد، على سبيل المثال مجال سوق الهواتف ومتابعه كل جديد فيه، فهذا السوق أصبح سوقاً متشبعاً لدرجة لا يوجد أي فروقات بين الهواتف الجديدة، وكل ما تسمعه وتقرأه بأنه هناك شيء (واو) في الهواتف ما هو إلا مبالغة في بعض الأحيان من بعض الشركات المصنعة لها، ولكن ملزم بتغطية أخبارها والمتعلقة بها ومراجعتها وتغطية فعاليتها حول العالم.

هذا الملل جعلني لا أحرص بشكل كبير على الموقع مثل ماكنت في السابق، ورميت كل شيء تقريباً على فريق العمل والذي قام بعمل رائع في المتابعة ونشر كل الاخبار والمقالات، صحيح بأنني اتدخل في بعض الأحيان ولكن ليس بمستوى السنوات الأولى للموقع والذي كنت فيها أكتب وأحرر وأغطي واتابع الأشياء المتعلقة بصيانة الموقع وتطويره.

ووصلت لمرحلة لدرجة أني انظر لعداد زيارات عالم التقنية وكنت انتظر في كل مرة هبوط الزيارات بدلا من ارتفاعها لعلي وعسى أجد مسوغ لوقفه بشكل نهائي وارتاح من (وجع الراس) ولكن وبشكل يدعو للسخرية أجد أن زيارات الموقع لم تتأثر بشكل كبير خصوصا مع التغييرات في طبيعة المستخدم والذي أصبح لا يقرأ ويكتفي بالتغريدات ومحتوى الشبكات الاجتماعية، فكل هبوط بسيط يلحقه ارتفاع كبير واستمرار بالأقبال على الموقع.

وهنا جاء السؤال الأزلي، ماذا أفعل بالموقع؟ صحيح أنه لازال يعطني ذاك الزخم ومصدر عظيم للعلاقات والمعرفة والأهم منها مصدر لدخل مالي بسيط، إلا أن سؤال ماذا أفعل بالموقع  مازال يتردد علي في كل يوم ولحظة.

فكرت في قضية التوسع ولكن للأسف استبعدت هذا الأمر لعدة أسباب وهي:

  • لا يمكن أن اتفرغ بسبب أني شخص متزوج وأب لثلاث بنات، فهذه مجازفة لا أقدر عليها، فالتفرغ يعني أن أتحمل مصدر دخل أقل مما أحصل عليه بشكل كبير من وظيفتي، وطبعا أي شخص في مكاني لا يمكن أن يجازف وهو شخص مسؤول عن 4 أرواح.
  • والموقع بوضعه الحالي (وكذلك سوق المحتوى) لا يمكن أن يغطي مصاريفك، فسوق الإعلانات ليس كما هو في السابق وهنا يحتاج مقال أخر لذكر الأسباب ولكن بشكل مختصر، الشركات المعلنة تغيرت مع تغير طبيعة المستخدم وأصبحت لا تعلن بشكل كبير مع المواقع، فهي وجدت قنوات جديدة مثل المشاهير، الإعلان من خلال جوجل وفيس بوك وتويتر.
  • تحتاج لمصدر دخل أخر مثل تأسيس شركة انتاج أو تسويق وهذا أيضا أمر صعب جدا وفيه تكاليف عالية إضافية.

بعد استبعاد التفرغ والتوسع قلت بنفسي لماذا لا أجد مشتري، يأخذ الموقع ويكمل مسيرته، فقط احتاج مشتري لديه القدرة على التوسع وبحث وسائل دخل أخرى وإدارة الموقع بشكل أفضل مني، والأهم من هذا بأن يكون ملماً في مجال المحتوى الرقمي.

وخلال بحثي للأسف لم أجد أي أحد، وكنت أعتقد أن المشكلة فيني شخصياً أو في طريقة تقييم الموقع أو البحث عن الجهات التي يمكنها أن تشتريه، ولكن عرفت من خلال بعض الزملاء والذين لديهم مواقع محتوى كبيرة يعانون نفس المشكلة، فهم يريدون بيع مواقعهم لجهة كبيرة (أو حتى صغيره لا يهم) تتمكن من الاستفادة من قوة مواقعنا وتكمل مسيرتها وتستثمر فيها ويكون لها سمعة كبيرة في مجال المحتوى ولكن كل من أعرف لم يجد أحداً.

متأكد بأن الكثير منكم يرى أن أكثر الجهات التي قد تستثمر في مواقع المحتوى وتتوسع هي الجهات الإعلامية، ولكن دعني أصدمك عزيزي القارئ، فرغم القوة التي تملكها الجهات الإعلامية التقليدية إلا أنها لازالت متأخرة في قضية الاستثمار في المحتوى الرقمي ناهيك عن أن بعضها يعاني في موضوع المحتوى التقليدي وتعتمد على الدعم الحكومي في الاستمرار.

فلو تذهب بنفسك لأكبر الجهات الإعلامية المحلية في السعودية فهي تعاني من ضعف في توزيع الصحف أو حتى زيارات مواقعها، لدرجة أن واحده من الصحف والتي تعتبر كبيرة في السوق استعانت بشراء المتابعين والريتيوت (أتمنى أن أكون مخطئ في هذا الأمر ولكن بعد التدقيق والتمحيص وجدت أن كثير من الدلائل تشير إلى قيامهم بهذا) حتى تزيد من الزيارات على موقعها ومن ثم بيع الإعلانات، وأبشركم الإعلانات في عالم التقنية أكثر من موقعهما حاليا : ).

فعندما علمت بأن المؤسسات الإعلامية الكبيرة والتي تتوقع منها الاستحواذ والاستثمار في المحتوى الرقمي تعاني وليس لها أي استراتيجية واضحة ولازال عملها تقليدي عرفت بأن الاستحواذ من قبلهم أمر مستبعد جداً ويحتاج منهم لتغيير طريقة التفكير والدخول في المجال الرقمي لسنوات طويلة.

هنا وجدت نفسي أمام خيار واحد لا مفر منه، وهو خيار أن يكون الموقع مثل ما هو بوضعه الحالي، كتابة الأخبار والمقالات والمراجعات وأن نكتفي بالقدر المالي الذي يأتينا منه و (يحلها ألف حلال).

وهذا الحل والذي اتبعته منذ فترة طويلة كان له أثر ايجابي ببقاء الموقع واستمرار سمعته الكبيرة في منطقتنا، فكثير منالشركات الكبيرة (أمازون، جوجل، مايكروسوفت، آبل..إلخ) لازالت تعتبره الموقع الأول في المنطقة وتحرص أن يكون عالم التقنية من المتواجدين في تغطية فعالياتها او أخبارها، وأيضا استمرار اهتمام رواد الأعمال والمشاريع الناشئة في نشر اخبارهم في عالم التقنية حيث ان الأقبال الكبير على الموقع يساهم في الترويج لمشاريعهم وحصولها على مستخدمين جدد( أحد رواد الأعمال ذكر لي حرفيا بأن مقال منشور عن مشروعه قبل 3 سنوات لازال يجلب له الكثير من المستخدمين).

ما الهدف من المقال؟ ..  أولاً شوية فضفضة: )، وثانياً هي رسالة أوجهها إلى من يملك موقع محتوى ويعاني مثل مانعاني بأن يصبر و (ينبسط) من الدخل البسيط الذي يأتيك، فمادام الموقع لازال عليه اقبال كبير ويحقق مردود جيد فلا تقتله بسبب عدم قدرتك على التطوير أو التوسع أو حصولك على مشتري.

وثالثا هي رسالة للجهات الإعلامية التقليدية بأن لا تترك فرصة التوسع وأن تستحوذ على مواقع لها سمعتها في السوق، ففي سوقنا حاليا هناك مواقع لديها محتوى رائع سوا في المجال التقني (موب شرط عالم التقنية) أو غيره، ولن تحتاجوا فقط إلا أن تخاطروا وتستثمرون ويكون لكم قنوات رقمية في شتى المجالات كما هو حاصل في بعض الدول مثل أمريكا وغيره، وأسرع طرق الاستثمار هو أن يكون هناك استحواذ على مواقع ناجحة ولها سمعتها في السوق.

ختاما، هي فضفضة كان يعرفها من حولي من فترة طويلة واليوم أبوح بها لكم بشكل علني ولأول مرة، و بإذن الله نستمر في الفضفضة لنثري فيه المدونة : )