أنا وحظي السيئ مع السيارات
هذه المقالة نشرت مسبقا في النشرة الأسبوعية الخاصة بي والتي يمكن الأشتراك بها من خلال الرابط هذا.
حظي سيء جداً مع السيارات، ولم أوفق يوماً بسيارة تستمر معي سنوات طويلة من دون أن يحدث لها مشاكل كبيرة، من أبرزها التجربة التي لا تنسى مع كابرس طراز 2004 فهذه (الكابرس) كانت (كابوس) عشت معها أسوأ التجارب في حياتي، فهي تتعطل بلا أي سبب، ترتفع حرارتها فجأة ولا تعرف لماذا، ولا يمكن للوكالة أو ورش السيارات المتخصصة أن تكشف سر هذه الأعطال المفاجئة والمتكررة.
كيف تخلصت من السيارة؟ .. في موقف مضحك ومبكٍ في الوقت نفسه. ففي أحد الأيام – والتي وصلت مشاكل السيارة إلى مرحلة ميؤوس منها – وقبيل وصولي إلى المنزل توقفت السيارة فجأة في وسط الشارع!، وفي لحظة غضب نزلت وتركتها في وسط الشارع دون أي اهتمام وقلت في داخلي بأني لن أزيحها وأتمنى أن تأتي الشرطة أو أي جهة أخرى وتصادرها وتمحيها عن الوجود وأرتاح من هذه السيارة السيئة.
وصلت إلى البيت ولم أخرج منه طيلة ذلك اليوم، وفي صباح اليوم التالي ذهبت إلى الشارع ووجدت السيارة في وسط الشارع ولم يقترب منها أحد! فاضطررت إلى سحبها بمساعدة شخص وجدته مصادفة قريباً من المكان، ومرت أيام على مكوث السيارة متعطلة أمام البيت حتى تراكم عليها الغبار حتى بعث الله إليّ بسائق (سطحة) وقال لي جملة واحدة: ساشتري السيارة بثلاثة آلاف ريال، ومباشرة بلا أي مفاوضة قبلت عرضه، وغير مأسوف عليها ولا على قيمتها المتدنية، بل كان همي الوحيد أن تفارق وجهي واتخلص منها، بل ولن أبالغ إن كنت أتمنى أراها مسحوقة بالكامل لتكون بحجم علبة الكوكاكولا!
مرت الأيام واشتريت سيارة طرازها 2014 وخلال الأشهر الأخيرة، ظهرت عدة مشاكل بهذه السيارة، ولكن للأسف – وبكسل مني- لم أقم بأي إصلاح لهذه المشاكل، حتى تفاقمت مع الوقت وكانت المشكلة الظاهرة أمامي هي مشكلة تعطل المكيف وضعف تبريده واحتياجي لتعبئة الفريون كل 3-4 أسابيع.
بعد أن غادرنا الشتاء الجميل وأصبحنا هذه الأيام في بدايات الصيف، قررت أن أصلح أعطال السيارة خصوصا مشكلة المكيف، فلا يمكن العبث بالتكييف في أجواء مثل أجوائنا، وأهم جزء في السيارة لدينا هو وجود مكيف بارد يسهم في مقاومة الحر ولفحاته السامة.
قررت ألا ابتعد عن فحص الوكالة، فذهبت لهم وطلبت فحص شامل ودفعت 450 ريال قيمة هذا الفحص، وأتت النتيجة صادمة لي بكل ما تعنيه الكلمة، فمجموع إصلاح المشاكل مع قطع الغيار بالإضافة إلى بعض ما اقترحوا إصلاحه يتجاوز قيمة سيارة جديدة حرفيا! إذ كان المبلغ: 40 ألف ريال.
بدأت اقلب صفحات الفحص صفحة صفحة حيث إن عددها كان كبير جدا وشعرت بان هناك أمر غير منطقي، وهذا ما حدث عند التحقق من الكلام المكتوب من خلال أحد موظفي الوكالة والذي بدا عليه تأنيب الضمير من السعر غير المنطقي وتأثره من صدمتي من سعر الصيانة.
وفي لحظه مفاجئة منه همس في أذني قائلاً: لا تصلح كل شيء لأن أغلبه اختياري وليس إجباري، فقط قم بإصلاح المهم وهو مشكلة مكيف السيارة وتهريب الزيت من المكينة، وأن أغلب ما ذكر في التقرير ما هو إلا اجتهاد.
ومما جعلني اصدق هذا العامل وحديثه هو أنني تذكرت قبل سنة ونص عندما اضطررت للذهاب للوكالة لطلب إصلاح مقود السيارة، وجاءت الصدمة على مسامعي بأن هذه الصوت يتطلب تغيير نظام المقود بالكامل وسوف يكلف 10 الاف ريال بحسب تقدير الوكالة، لم أصدقهم وبحثت في الانترنت واكتشفت أن المشكلة بسيطة جدا وإصلاحها سهل، فقد كان حل المشكلة بكل بساطة هو: تغيير قطعة بلاستيكية في داخل المقود، ولا يتطلب تغيير النظام بالكامل، بحثت في الانترنت مرة أخرى عن القطعة ووجدتها تباع في كثير من المواقع بأسعار تتفاوت ما بين 15- 90 ريال !!!!، بادرت مباشرة بشرائها وبحثت عن ورشة مؤملاً نفسي أنهم يعرفون طريقة إصلاحها، وفعلاً وجدت الورشة المناسبة ، وتم تغيير القطعة وإصلاح المقود بقيمة لم تتجاوز 400 ريال، بينما الوكالة طلبت مني دفع 10 آلاف ريال!.
نعود لقصة سيارتي الحالية، فحينما قررت عدم إصلاحها في الوكالة، بحثت عن ورشة كيف تصلحها وتعيدها لسابق عهدها أو على الأقل كما كانت لو بنسبة 70 – 80%، ولم أجد نصيحة ” تبرد الخاطر” فمشكلتي مع ورش السيارات هو اعتقاد يصل إلى الجزم بأنه من أكثر الأماكن سوءاً واستغلالاً لجهل الناس في السيارات ومشاكلها، فأنت تعلم في قرارة نفسك بأن عامل الورشة يعلم بأنك تعرف أنه يخدعك! وهو كذلك يعلم بأنك تعلم أنه يخدعك.. فيتحول الأمر إلى مفاوضات مع هذا العامل باذلاً أقصى جهدك أن تكون هذه الخدعة قليلة القسوة على سيارتك وجيبك، وتدعو الله سراً وعلانية وفي آناء الليل وأطراف النهار ألا تكون سيارتك هي حصة تدريبية له ولزملائه ليتعلموا عليها.
اقترح علي أخي عبدالملك بعد أن قضيت وقتاً طويلاً في السؤال والبحث أن أذهب لورشة نعرف ملاكها منذ الصغر، وهم توارثوها الأبناء بعد والدهم ويعلمون فيها ويشرفون عليها، وقد كان هؤلاء الأبناء زملاء لنا في مدارس الحارة، وقررت فعلاً الذهاب إليهم وقرروا إصلاح سيارتي في ورشتهم البسيطة على أن تمكث السيارة لديهم قرابة 6 أيام، واكتشفت أن إصلاح المكيف مهمة شاقة جداً ويتطلب الأمر فك طبلون السيارة بالكامل، وهذا أمر يحتاج وقت طويل وعناية فائقة، والحمد لله تم ما وعدوني به وأصلحت السيارة متمنياً ألا تعود هذه المشاكل “الغثيثة” والمكلفة جداً .
صورة لسيارتي بعد إزالة الطبلون بالكامل لإصلاح المكيف.
الحلطمة السابقة والتي قد تصيب القارئ بالملل أو الخوف والوسوسة من مشاكل السيارة تعبر عن وجهة نظري بأن وضع ورش السيارات لم يتغير للأسف؛ إلا إذا كنت تريد دفع مبالغ عالية لإصلاح سيارتك في الوكالة هارباً من هذه الورش، أو أنك تملك سيارة فخمة جدا ويتم تدليلك من الوكالة بحكم قيمة هذه السيارة، الفارهة.
ومتأكد أن الوضع في ورش السيارات يعتمد كلياً وحرفياً وبشكل قاطع على الحظ، فإما أن تكون محظوظاً وترسل سيارتك لورشة تعيد لسيارتك الحياة، أو تقع على ورشة تنهي حياة السيارة تماما… وإن كان هذا أمر يصعب علينا نحن الرجال الذين قضينا سنوات طويلة من عمرنا على الاسفلت فماذا عن السائقات الجدد؟