شايب في مقاعد الدراسة الجامعية!

بفضل الله تعالى اجتزت – خلال الأسبوع الماضي- الفصل الدراسي الثاني من دراستي في الجامعة العربية المفتوحة بعد أن كنت في خوف دائم من عدم قدرتي على النجاح في إحدى المادتين اللتين أدرسهما .. ولكن النتائج كانت مرضية ولله الحمد.

كل فصل دراسي (أو : ترم) بالنسبة لي هي مرحلة تعلم واستكشاف لأجواء الدراسة الجامعية والتي لم أجربها قط، ولم أعتد على تجربة أنظمة اختيار المواد وتقسيم الشعب والفصول والنقاش مع الطلاب بهذه الطريقة.

الفصل الماضي كان متخماً بالمواقف المضحكة جداً ولم تخلُ من لحظات غاضبة أيضاً، فقد كان يثير استغرابي الممزوج بالسخرية هي طريقة تعامل الطلاب مع المحاضرات والتفاعل مع الدكتور/ الدكتورة أو مع زملائهم وزميلاتهم من الطلاب.

فتارة تجد أحد الطلاب تعلوه غيمة من البلادة..  إحساس ميّت .. غياب للمسؤولية فلا يريد أن يقرأ ولا يعرف جدوله الدراسي ولا مواعيد المحاضرات فتراه يعتمد كلياً على قروبات الواتساب ويمتد هذا الاعتماد ليصل إلى (البجاحة) بأن يطلب التغشيش بشكل صريح! ولا أنسى أسوأ اللحظات حينما قام أحد الطلاب بنعت الشعبة بأنها ( أوصخ) الشعب وذلك لأن زملائه تأخروا عليه بمساعدته .. وتسبب تصريحه هذا بأن تنفجر أمامه قنبلة من السباب والشتائم التي انهمرت عليه (اعترف .. كنت منهم) وإن كنت لا أنكر أن ظاهرة الغش موجودة للأسف في كل مكان وزمان ولا تخلو منها جامعة أو ثانوية … ولكن إذا ابليت بها – عافانا الله وإياكم منها- فـ على الأقل خلك مؤدب!

وهناك نمط من الطلاب تجده حريص على حضور المحاضرات والالتزام بها فقط لأنها عن بُعد ولا أحد يشاهده (لإغلاقهم كاميرا الجهاز) ومع ذلك لا ينجون من مواقف حرجة حينما ينكشفوا أمام الجميع بأنهم يفعلون أشياء أخرى! وأذكر على سبيل المثال إحدى الطالبات فتحت المايك عن طريق الخطأ فضجت المحاضرة بصوتها في معرض لبيع العطور وهي في خضم (مكاسرة) لشراء عطر أعجبها! .

أما عن تفاعل الطلاب مع الدكاترة من خلال قروبات الواتساب فهي لا تخلو من المواقف الغريبة، فالكل يسأل عن الجدول رغم أنه يمكن معرفته من خلال البريد الإلكتروني المخصص له ونظام LMS الخاص به، كما أنها تمتلئ من شكاوي الطلاب المتذمرين من الاختبارات وصعوبتها، ولا أنسى موقف دكتور غضب من كثرة الطلبات والشكاوى فقام بإقفال القروب بالكامل وأعاد فتحه لهم قبل نهاية الفصل الدراسي.

مما يجدر الإشارة إليه هو أن الطلاب يتفاوتون في الأعمار، وأغلب الشكاوي والتصرفات الغريبة تأتي من صغار السن غالباً، أما الكبار فلا يخرج منهم أي تصرف غريب وخصوصاً مع المعلمين، وهذا مما يجعلني اشطح بالتفكير أحياناً بأن هذا الأمر مرتبط بطريقة تربية الجيل الجديد وعدم قدرته على التصرف بشكل سليم مع الطرف الآخر، خصوصاً أنه جيل ولد في عز التقنية والتوري خلف الشاشات بعكس جيلنا الذي نشأ في المجالس والمناسبات الرسمية والتعامل مع كبار السن والتأدب معهم.

هذه المواقف والقصص التي واجهتها دائماً تثير فيني التساؤل هل كل ما حدث لي كان سيحدث فيما لو كان التعليم حضورياً؟ هل هذا الوضع من التفاوت بين الطلاب من ناحية الاهتمام والاعتماد على غيرهم كان موجوداً قبل ظهور الوتساب؟ والأهم من هذا ماهي الطرق التي كانت ستجمعهم جميعاً (إن وجدت) قبل ظهور التقنية والاعتماد عليها؟

تجربتي أيام دراستي في معهد الإدارة كانت أشبه بدراسة المرحلة الثانوية، مكان يجتمع فيه أعداد كبيرة من الطلاب، ولم يكن بيننا تعاون بشكل ضخم سواء في الدراسة أو حتى المشاريع، ربما المشكلة فيّ أو بنظام المعهد الذي لم يكن مرناً في السماح بمثل هذا النوع من التفاعل والاعتمادية على الطلاب فيما بينهم، ولكن كل شيء مررت به خلال هذين الفصلين الدراسيين وهذه السنة تحديداً تعد تجربة جديدة وثرية ولا يمكن مقارنتها بدراستي في معهد الإدارة العامة.

الآن..  أنا في مرحلة تسجيل مواد الفصل القادم وأتمنى بكل صدق ان يكون فصلاً سهلاً بسيطاً وكذلك عن بُعد.. فلا أتخيل نفسي احضر الجامعة في الوقت الذي أعمل في عملاً بدوام كامل زادت فيه مسؤولياتي مؤخراً، ولكن الأكيد أن هذه التجارب التي ذكرتها ستتكرر.. ولن تختلف عن السابق.. فقط سوف اتجاوز دهشة البدايات وما تحملها من مفاجآت.. وسأضطر أن أتعايش مع كل هذه المواقف.

ختاماً.. كل النجاح للطلاب والطالبات صغارا وكبارا وفي جميع المراحل الدراسية.. وعلى دروب الخير والنجاح نلتقي